Le Conseil D’Etat libanais (CE) dans sa décision No 233/2017-2018 du 11/12/2017 a adopté une position qui fera jurisprudence en matière d’échanges d’informations fiscales et financières.
En effet, avec l’adhésion du Liban et de la France aux conventions MAC (Convention sur l’assistance administrative mutuelle en matière d’impôts/l’échange sur demande) et MCAA (Multilateral Competent Authority Agreement/échange automatique), chacun des deux pays est en droit de recevoir ou de demander des informations fiscales et financières sur ses résidents aux autorités fiscales de l’autre pays.
Ceci était déjà le cas pour l’échange sur demande en vertu de l’article 37 de la convention fiscale tendant à éviter les doubles impositions signée entre les deux pays le 23 Aout 1963. Mais celle-ci ne permettait pas de lever le secret bancaire des comptes des déposants objet de la demande et ce, en vertu des dispositions très strictes de la loi du 3 septembre 1956 et de leurs pendants dans les autres lois en vigueur. Les procédures pratiques pour ce qui est du Liban sont fixées par la Loi No 55 du 27/10/2016 qui a levé le secret bancaire partiellement pour ce qui est des non-résidents et les décrets d’applications No 1022/2017 et 1550/2017.
Dans cette décision, le CE considère que dans la mesure où la demande de renseignements est conforme aux dispositions de la convention bilatérale ou multipartite et que des présomptions de résidence dans le pays qui requiert les informations existent et se basent sur les critères définis par lesdites conventions, l’information relative aux informations bancaires et financières peut être communiquée sans chercher à vérifier les données pratiques du critère conventionnel qui font prévaloir une résidence fiscale sur l’autre. Le contribuable redressé pouvant toujours se prévaloir de son droit de recours contre tout redressement qu’il jugerait illégal ou injustifié ou contrevenant aux normes conventionnelles.
Vous trouverez ci-après le délibéré ainsi qu’un commentaire juridique de la Décision préparé par Me Krystel El Hajj.
Download (PDF, Inconnu)
تعليق على قرار مجلس شورى الدولة رقم 233/2017-2018 تاريخ 11/12/2017
يتمحور القرار الصادر عن مجلس شورى الدولة بتاريخ 11/12/2017 حول الشروط الواجب توفّرها لإستجابة طلب المعلومات المقدّم من دولة أجنبيّة بالإستناد إلى أحكام إتفاقيّة ثنائيّة لتفادي الإزدواج الضريبي الموقّعة فيما بينها وبين الدولة اللبنانية.
في الوقائع، رجل أعمال من الجنسيّة الفرنسيّة، أسّس في العام 2007 شركة قابضة لبنانية يملك 99,9% من رأسمالها ويرأس مجلس إدارتها. تملك الشركة القابضة بدورها كامل رأسمال شركاتٍ لبنانية وأجنبية. وهو يحوز على إجازة عمل وإقامة سنوية في لبنان منذ العام 2014، كما ويدلي بأنه مقيم ضريبيّاً في لبنان. بتاريخ 20/9/2017، تبلّغ رجل الأعمال الفرنسي قرار الإدارة الضريبيّة اللبنانية المتضمّن موافقتها على تزويد الإدارة الضريبيّة الفرنسيّة بمعلومات عن حسابه المصرفي المفتوح لدى أحد المصارف اللبنانية والعائدة للأعوام 2013 إلى 2016. وعليه، خلال مهلة خمسة عشر يوماً من تاريخ إبلاغه القرار المذكور، وعملاً بأحكام الفقرة (3) من البند خامساً من المادة الوحيدة من القانون المعجّل رقم 55 تاريخ 27/10/2016 (تبادل المعلومات لغايات ضريبيّة)، تقدّم المستعلم عنه رجل الأعمال الفرنسي باعتراض أمام مجلس شورى الدولة طلب بموجبه إصدار القرار بعدم تزويد السلطات الضريبيّة الفرنسيّة المعلومات المطلوبة العائدة للحساب المصرفي، باعتباره مقيم في لبنان سنداً لأحكام المادة الأولى من القانون رقم 60 تاريخ 27/10/2016. إذاءاً بما ما تقدّم، طلبت الدولة اللبنانية-وزارة المالية ردّ الإعتراض باعتبارها ملزمة بتزويد الإدارة الضريبيّة الفرنسيّة بالمعلومات المشار إليها أعلاه عملاً بأحكام القانون عينه رقم 55/2016، بحيث أن الإدارة الفرنسيّة أفادت أن مواطنها المستعلم عنه مقيم ضريبياً في فرنسا ولم يصرّح عن حسابه المصرفي المفتوح في لبنان. وأضافت أن الطلب المذكور متوافق مع الإتفاقية لتفادي الإزدواج الضريبي الموقّعة بين لبنان وفرنسا بتاريخ 24/7/1962 والمصدّقة بموجب القانون المنفّذ بالمرسوم رقم 13673 تاريخ 23/8/1963. فما هي الشروط الواجب توفّرها لإلزام السلطات الضريبيّة اللبنانيّة بالإفصاح للسلطات الضريبيّة الفرنسيّة عن معلومات عائدة لحساب مصرفي مفتوح في لبنان من قبل مواطن فرنسي مطلوبة بالإستناد إلى أحكام الإتفاقية اللبنانية الفرنسية لتفادي الإزدواج الضريبي؟
قرّر مجلس شورى الدولة أن المشرّع اللبناني كرّس مبدأ وجوب الإفصاح عن المعلومات لغايات ضريبيّة بمجرّد إستيفاء الطلب للشروط المنصوص عنها بموجب القانون رقم 55/2016 والمرسوم التطبيقي رقم 1550/2017. وعليه، إن طلب المعلومات المقدّم من الإدارة الضريبية الفرنسية والذي يتناول حساب مصرفي مفتوح لدى مصرف لبناني من قبل مواطن فرنسي بمناسبة درس وضعه الضريبي في فرنسا بين سنة 2013 و2016، أي ضمن فترة نفاذ الإتفاقية اللبنانية الفرنسية، يلزم الإدارة الضريبية اللبنانية، وذلك، بمعزل عن محل إقامته الضريبية (سواء في لبنان أو فرنسا). هذا، ولم يؤكّد ويشدّد القرار المذكور على أهميّة توفّر أي من الشرطين المنصوص عنهما بموجب المادة 37 من الإتفاقية اللبنانية الفرنسيّة لإستجابة الطلب.
أولاً- الشروط المطبّقة لإجابة طلب السلطات الضريبيّة الفرنسية:
أكّد قرار مجلس شورى الدولة على قانونية قرار الإدارة الضريبيّة اللبنانية التي اكتفت بتطبيق المعايير الأربع المنصوص عنهم بموجب المادة الثالثة من المرسوم التطبيقي رقم 1550/2016 المعطوف على القانون رقم 55/2017. كما وبحث أيضاً في شرط غير منصوص عنه في أي من القوانين الواجبة التطبيق.
- المعايير الأربع المنصوص عنهم بموجب المادة الثالثة من المرسوم التطبيقي رقم 1550/2016:
فرض القانون رقم 55/2017 على السلطات الضريبيّة اللبنانية التثبّت من مدى مطابقة طلب المعلومات الوارد إليها من دولة أجنبيّة مع أحكام الإتفاقية الموقعّة معها؛ علما بأنه يقصد بأفتفاقية حسب القانون أي معاهدة أو اتفاقية دولية تنص على تبادل المعلومات لأغراضٍ ضريبية، بما في ذلك المعاهدات المتعددة الأطراف التي تتيح التبادل غب الطلب (MAC) أو التلقائي (MCAA) للمعلومات بين لبنان وأي دولة أجنبية عضو في تلك الإتفاقية. وفي حال تبيّن لها أن الطلب غير مطابق للأحكام المذكورة، تكون ملزمة بردّه. وعليه، وضع المرسوم رقم 1550/2017، على سبيل التعداد لا الحصر، أربع معايير يمكن اعتمادها للتثبّت من مدى توافق الطلب مع أحكام الإتفاقية الضريبيّة، وهي تتناول بصورة خاصة طبيعة المعلومات التي يمكن الإفصاح عنها وهوية الشخص المستعلم عنه.
- طبيعة المعلومات التي يمكن الإفصاح عنها:
لم يحدّد القانون رقم 55/2016 طبيعة المعلومات موضوع التبادل، بل أعطاها تعريفاً واسعاً يشمل أي بيان أو سجل مهما كان شكله، بما في ذلك المعلومات المصرفيّة التي كانت مشمولة بقانون سرية المصارف تاريخ 3/9/1956. بل إن التمييز الوحيد الذي نصّ عليه القانون المذكور رقم 55/2016 يتناول الآلية الواجب إعتماداها في الإفصاح للدولة الأجنبيّة عن المعلومات المطلوبة. وبالفعل، إذا لم تكن المعلومات المطلوبة مشمولة بقانون سريّة المصارف، يتوجّب على السلطات اللبنانية عندها إجابة الطلب مباشرة. أما وفي حال كانت المعلومات المطلوبة مشمولة بقانون سريّة المصارف، يقتضي على السلطات اللبنانية إبلاغ المستعلم عنه قرارها بإجابة الطلب ليتسنّى له الإعتراض عليه أمام مجلس شورى الدولة. لا تُستثنى من موجب الإبلاغ وفقاً لما تقدّم إلا الطلبات العاجلة أو تلك التي من شأن إبلاغ المستعلم عنه بها أن يؤثّر على نجاح التحقيقات. وعليه، وبدءاً من تاريخ 27/10/2016، وهو تاريخ نفاذ القانون رقم 55 المشار إليه أعلاه، رُفعت السريّة المصرفية عن كافة المعلومات التي قد تطلبها دولة أجنبية من السلطات اللبنانية بالإستناد إلى أي إتفاقية تتعلّق بتبادل المعلومات لغايات ضريبيّة.
هذا، وقد أوضح المرسوم التطبيقي رقم 1550/2017، أنه يقتضي، لإجابة الطلب، أن تكون المعلومات المطلوبة مشمولة بنطاق الإتفاقية المسند إليها الطلب كما وبفترة نفاذها. وعليه، إن أي طلب يرد من السلطات الفرنسية يتناول معلومات ذات صلة بضرائب غير الضريبة على الدخل ورسوم الإنتقال يكون واجب الردّ.
فرض المرسوم رقم 1550/2017 معياراً واحداً لجهة هوية الشخص المستعلم عنه، بحيث نصت المادة الثالثة منه على وجوب التثبّت من شمول الشخص المستعلم عنه بالنطاق الشخصي للإتفاقية المسند الطلب إليها، أي ما إذا كان المستعلم عنه في عداد الأشخاص الذين تتناولهم الإتفاقية. إن النطاق الشخصي للإتفاقية اللبنانية الفرنسية يشمل جميع الأشخاص الطبيعيين والمعنويين الخاضعين للضريبة في إحدى الدولتين المتعاقدتين، أي المقيمين ضريبياً في لبنان أو في فرنسا أو في الدولتين معاً. وعليه، وبنتيجة تطبيق المعيار الشخصي أعلاه، لا يمكن لإحدى الدولتين المتعاقدتين مطالبة الدولة المتعاقدة الأخرى بالمعلومات التي تتوفّر لديها عن شخص غير مقيم في أي منهما، كأن تطلب الدولة الفرنسية مثلاً معلومات عائدة لحساب مصرفي مفتوح لدى أحد المصارف اللبنانية من قبل مقيم في دولة ثالثة. إلا أن تطبيق المعيار المذكور يتيح لأي من الدولتين المتعاقدتين مطالبة الدولة المتعاقدة الأخرى بمعلومات عائدة لشخص مقيم في هذه الدولة المتعاقدة الأخرى، أي حتى لو لم يكن مقيماً ضريبياً بصورة أساساية (أي طبقا لميار الترجيح Tie breaker) في الدولة طالبة المعلومات. وقد كرّست المادة الرابعة من المرسوم رقم 1550/2017 هذه الإمكانية من خلال ذكر آلية إبلاغ مختلفة وفق ما إذا كان المستعلم عنه مقيماً في لبنان أو غير مقيم فيه. والواقع أن القانون رقم 55/2016 لم يأتِ على ذكرمعيار الإقامة الضريبية إلا في إطار تعريف مصطلح “التبادل التلقائي للمعلومات” في البند ثانياً من مادته الوحيدة، حيث جاء بصراحة أن المعلومات موضوع التبادل التلقائي هي تلك العائدة لمقيمين في الدولة التي تتلقّى المعلومات. إنطلاقاً من ما تقدّم، في إطار تبادل المعلومات بناءً للطلب، قرّر مجلس شورى الدولة أن إقامة المستعلم عنه ضريبياً في فرنسا (بصورة أساسية و/أو حصرية) وترجيح معيار التكليف لمصلحتها، ليس شرطاً يقتضي توفّره لإجابة طلب المعلومات المقدّم من الدولة الفرنسيّة بالإستناد إلى الإتفاقية اللبنانية الفرنسية؛ بل يكفي لذلك، أن يكون المستعلم عنه مقيماً ضريبيّاً سواء في لبنان أو في فرنسا أو في كل من الدولتين المذكورتين.
هذا، وفضلاً عن المعايير المفصّلة أعلاه، تضمّن القرار معياراً إضافياً غير منصوص عنه قانوناً.
- المعيار الإضافي غير المنصوص عنه قانوناً: إلحاق الضرر بالمستعلم عنه نتيجة إجابة طلب المعلومات
بهدف التأكيد على صحّة قرار السلطة الضريبيّة اللبنانية بإجابة طلب المعلومات المقدّم من السلطات الفرنسيّة، جاء في القرار موضوع التعليق الحاضر أنّ تزويد الدولة الفرنسيّة بالمعلومات المطلوبة لا يؤدي إلى إلحاق الضرر بالمستعلم عنه، باعتبار أن ملفّه قيد الدرس ولم يصدر بحقّه أي تكليف ضريبي يعتبره غير متوجّب. ويضيف القرار أنّه في حال صدور أي تكليف بحق المستعلم عنه بالإستناد إلى المعلومات المفصح عنها، تبقى له إمكانية الطعن به أمام القاضي الضريبي المختص، في حال إعتبره غير متوجب، والدفع بالأحكام الواردة في إتفاقية تلافي الإزدواج الضريبي أو بأية أحكام أخرى تُطبق بشأن التكليف المعترض عليه.
في حين أن معيار الضرر غير منصوص عنه في أي من الإتفاقية اللبنانية الفرنسية، والقانون رقم 55/2016 والمرسوم رقم 1550/2017، ويجب بالتالي إهماله وردّه دون البحث به.
والواقع أن تطبيق المعيار المذكور مبني على المنطق الآتي: إن تزويد الدولة الفرنسية بالمعلومات المطلوبة سوف يعطي السلطات الفرنسيّة إمكانيّة تكليف المستعلم عنه في فرنسا إذ أنها تعتبره مقيماً ضريبيباً في فرنسا. وفي الوقت نفسه، تعتبره السلطات اللبنانية مقيماً ضريبياً في لبنان حيث يقوم أيضاً بتسديد الضرائب المتوجبة بصفته المذكورة. الأمر الذي يشكّل مخالفة لأحكام الإتفاقية اللبنانية الفرنسية التي تهدف إلى تفادي الإزدواج الضريبي. وعليه، إن تطبيق معيار الضرر (الناتج عن الإزدواج الضريبي أو بصورة عامة عن أي تكليف غير محقّ) في مسألة تقييم صحّة إجابة طلب المعلومات من قبل السلطات اللبنانية، يضع على عاتق هذه الأخيرة موجب الفصل والبتّ في مسألة تحديد محل الإقامة الضريبيّة للمستعلم عنه قبل إجابة الطلب. في حين أنه إستناداً إلى أحكام المادة 2-1 من الإتفاقية اللبنانية الفرنسية، تُحدّد الإقامة الضريبية بحسب قوانين كلّ من الدولتين، على أن تُطبّق أحكام الإتفاقية لتفادي الإزدواج الضريبي في حال تبيّن أن المكلّف مقيم في كلّ من الدولتين. ويعود عندها أمر البتّ بهذه المسألة إلى القضاء المختص في كلّ من الدولتين. وهو يفترض أولاً أن تكون الدولة الفرنسيّة قد قرّرت تكليف المستعلم عنه، إذ أن درس وضعه الضريبي لا يؤدي حكماً إلى تكليفه. كما ويُفترض أيضاً أن يكون التكليف مخالفاً لأحكام الإتفاقية اللبنانية الفرنسية أو أية قوانين أخرى واجبة التطبيق. فلا يمكن على الإطلاق، والحالة هذه، أن تُعهد إلى الإدارة الضريبية التي تلقّت طلب المعلومات مهمّة التثبّت من أحقيّة الأسباب القانونية التي يستند إليها درس الملف الضريبي للمستعلم عنه.
وعليه، يتّضح من ما تقدم، أن معيار تقييم الضرر الذي قد يلحق بالمستعلم عنه نتيجة الإفصاح عن المعلومات واجب الإهمال لعدم قانونيّته. أما المعايير أعلاه المنصوص عنها بموجب المادة الثالثة من المرسوم رقم 1550/2017 والمعتمدة للتثبّت من مدى مطابقة طلب المعلومات مع أحكام الإتفاقية اللبنانية الفرنسية لتفادي الإزدواج الضريبي، فهي معايير شكليّة وإجرائيّة محض. وهي غير كافية للتثبّت من صحّة قرار إجابة طلب المعلومات. بل يقتضي، والحال ما تقدّم، تطبيق المعياران الإختياريّان الجوهريّان المستخرجان من أحكام البند رابعاً من المادة الوحيدة من القانون رقم 55/2016 المعطوفة على أحكام المادة 37 من الإتفاقيّة اللبنانية الفرنسية.
ثانياً- المعياران الإضافيّان المستخرجان من أحكام المادة 37 من الإتفاقيّة اللبنانية الفرنسيّة:
ينصّ البند رابعاً من المادة الوحيدة من القانون رقم 55/2016 أن السلطة اللبنانية تنفّذ طلب المعلومات المقدّم من دولة أجنبيّة إذا تبيّن لها أنه متوافق مع أحكام الإتفاقية المسند إليها الطلب. كما نصت المادة 37 من الإتفاقية اللبنانية الفرنسية أن السلطات الضريبيّة في كل من الدولتين المتعاقدتين تتبادل المعلومات بهدف الإفادة منها في احتساب الضريبة المتوجّبة وتحصيلها وبهدف مكافحة التهرّب الضريبي فقط لجهة الضرائب موضوع الإتفاقية. لا شكّ أن هذان المعياران الإختياريّان يؤمّنان الضوابط المطلوبة لتفادي الإفراط في طلب المعلومات من قبل أي من الدولتين المتعاقدتين.
- طلب المعلومات المفيدة لتأمين احتساب الضريبة المتوجبّة وتحصيلها:
لم يتضمّن قرار مجلس شورى الدولة أية معطيات أو تفاصيل ذات صلة بمضمون طلب المعلومات الموجّه من الإدارة الضريبيّة الفرنسيّة إلى الإدارة الضريبيّة اللبنانية، سيما لجهة عرض الوقائع والأسباب القانونية التي استندت إليها الدولة طالبة المعلومات في دراسة الوضع الضريبي للمعترض والتي استتبعت التقدّم بالطلب المذكور. وبالفعل، لا نقرأ في القرار أية معلومات تفيد بوجود علاقة أو رابط بين المعترض والدولة الفرنسيّة، باستثناء ما ورد لجهة كونه من الجنسيّة الفرنسيّة. في حين أن النظام الضريبي الفرنسي، على خلاف ما هو معمول به في الولايات المتحدة الأميركية، لا يأخذ بالجنسيّة كأساس لفرض الضرائب. أما التحفّظ الذي جاء في القرار لجهة كون المعترض مقيماً ضريبيّاً في فرنسا “على نحو ما جاء في كتاب السلطات الفرنسيّة“، فمن شأنه أن يثبّت عدم تضمّن الكتاب المذكور أية أدلّة تؤيّد ما تقدّم. لا بل أكثر من ذلك، لم يُذكر في متن القرار ما يثبّت أن أي من الشركات العائدة للمعترض تزاول نشاطاتها في فرنسا. بل جاء بصورة جدّ مقتضبة أن طلب المعلومات قد ورد “بمناسبة تأمين تطبيق الأحكام المتعلقة بالضرائب المشمولة بالإتفاقيّة لا سيما منها ضريبة الدخل“. وفي ضوء ما تقدّم، من المرجّح أن يكون الكتاب الموجّه إلى السلطات اللبنانية من قبل السلطات الفرنسيّة مفتقراً إلى التعليل والتفصيل لجهة الوقائع والأسباب القانونية التي استندت إليها الإدارة الضريبيّة الفرنسيّة لدرس الوضع الضريبي للمعترض. في حين أن أهميّة وضرورة تضمين الطلب المقدّم من الدولة الفرنسيّة إلى السلطات اللبنانية (كما وأي طلب مقدّم من السلطات اللبنانية إلى الدولة الفرنسيّة) المعطيات المذكورة آنفاً، هي في تمكين السلطة المختصة من التثبّت من مطابقة الطلب المقدّم إليها مع أحكام المادة 37 من الإتفاقية لتفادي الإزدواج الضريبي، لجهة الإفصاح عن معلومات مفيدة تسمح للدولة مقدّمة الطلب إحتساب الضريبة المتوجبة وتحصيلها. وليس الهدف منها على الإطلاق تخويل السلطة المختصة (الإدارة الضريبية اللبنانية في الحالة الراهنة) أو إناطتها بمهمّة التثبّت من أحقيّة درس الوضع الضريبي للمستعلم عنه وقانونية التكليف الذي قد ينتج عنه، باعتباره أمر يعود البتّ به للقضاء المختص كما جرى عرضه أعلاه.
- طلب المعلومات المفيدة لمكافحة التهرّب الضريبي:
أجازت المادة 37 من الإتفاقيّة اللبنانية الفرنسية أيضاً طلب المعلومات بهدف تطبيق الأحكام القانونية لمكافحة التهرّب الضريبي. في هذا السياق، عرّفت المادة 1741 من قانون الضرائب الفرنسي (Code général des impôts) التهرّب الضريبي بأنه كل تجنّب أو محاولة غير مشروعة لتجنّب طرح الضريبة أو تسديدها بالكامل أو جزئياً، من خلال الإمتناع طوعاً عن تقديم التصريح الضريبي ضمن المهل، أو من خلال كتم أو إخفاء جزء من المبالغ الخاضعة للضريبة، أو من خلال تنظيم عدم ملاءة المكلّف، أو عرقلة تحصيل الضريبة بمناورات أخرى.
أما تعريف التهرّب الضريبي في القانون اللبناني، فقد جاء في المادة 11 من المرسوم التطبيقي رقم 2488 تاريخ 3/7/2009 (تحديد دقائق تطبيق قانون الإجراءات الضريبية) التي تنصّ على ما حرفيّته:
“يقصد بالتهرّب من الضريبة، كل عمل ينتج عنه تخفيض أو إلغاء لهذه الضريبة، أو تأجيل لتاريخ استحقاقها، أو زيادة في قيمة الضريبة المطلوب تنزيلها أو استردادها، دون وجه حق.
ينتج هذا التهرّب الضريبي عن:
- العمليّة الصوريّة وتمثّل كل اتفاق أو عمل يقوم به المكلفون ولا يعكس حقيقة ما اتفقوا عليه فعلياً بهدف إخفاء الاتفاق الفعلي للعمل أو الغاية الحقيقيّة بغية تخفيض القيمة الضريبيّة المتوجّبة أصولاً على العمليّة الفعليّة.
- كل عمليّة يقوم بها المكلف والتي بالرغم من كونها قانونيّة في الشكل، ترمي بصورة أساسية إلى التهرّب من دفع قيمة الضريبة المتوجّبة أصولاً أو الحصول على تخفيضات ضريبيّة دون وجه حق“.
من اللافت أن تعريف التهرّب الضريبي في النظام اللبناني جاء أكثر صرامة من التعريف الذي ورد في المادة 1741 من القانون الضريبي الفرنسي التي تشترط ثبوت عنصرين أساسيين لتحقّق التهرّب الضريبي وهما: (1) أن تكون قد اتجهت نيّة المكلّف إلى تجنّب الضريبة المتوجبّة أو جزء منها؛ و(2) أن يكون قد استعمل المكلّف عن علم ودراية وسائل غير قانونية وغير مشروعة لتحقيق الهدف أعلاه. أما التعريف اللبناني للتهرّب الضريبي فلا يأخذ بعين الإعتبار نيّة المكلف. بل يكفي لتحقّق التهرّب الضريبي، أن يكون قد نتج عن العمل الذي قام به المكلّف تخفيض للضريبة المتوجّبة أو إلغاء لها دون وجه حق، حتى ولو كان العمل قانونياً. كما ويقتضي أن يكون الهدف الأساسي (لا الوحيد والحصري) من العمل تجنّب الضريية كلياً أو جزئياً.
وتأسيساً على ما تقدّم، يكون من حق أي من الدولتين المتعاقدتين طلب المعلومات من الدولة المتعاقدة الأخرى عندما يكون الهدف منها تطبيق أحكام قوانينها ذات الصلة بمكافحة التهرّب الضريبي.
- الفائدة من تطبيق المعيارين الإضافيّين:
إن تطبيق أيّ من المعيارين أعلاه لكان ليُفرض لزوماً بموحب أحكام البند الرابع من المادة الوحيدة من القانون رقم 55/2016 الذي يفرض على السلطة الضريبيّة اللبنانية التثبّت من أن طلب المعلومات متوافق مع أحكام الإتفاقية الموقّعة مع الدولة التي تقدّمت به بالإستناد إلى أحكامه، لو كان تعريف الإتفاقية يقتصر على مجرد الإتفاقيات الثنائية لتفادي الإزدواج الضريبي أو لتبادل المعلومات لأغراضٍ ضريبية. إلا أن ما تم الأخذ به هنا وترجيحه هو الإتفاقية المتعددة الأطراف للتعاون التقني في المجال الضريبي (Multilateral Convention on Mutual Administrative Assistance in Tax Matters MAC) الذي أجاز البند ثامناً من القانون عينه رقم 55/2016 توقيعه من قبل الحكومة. مما يرجحّ (وفق ما يُستخلص من هذا القرار موضوع التعليق) إلى ترجيح إعتبار نيّة المشرّع لقبول التبادل محصورة لجهة الرقابة بالمعايير الشكليّة والإجرائيّة الأربع المعدّدة في المادة الثالثة من المرسوم رقم 1550/2017، وذلك، بالرغم من أن المادة الثالثة من المرسوم رقم 1550/2017، جاءت على سبيل التعداد لا الحصر.
غير أنه، وفضلاً عن ما ذكر أعلاه، من المفيد الإشارة إلى أن إقصاء معيار ترجيح معيار الإقامة الضريبية الفعلية بين الدولتين في إطار تبادل المعلومات بناءً للطلب، على خلاف ما هو معمول به في الإتفاقيات الثنائية، والأخذ بمعايير شكليّة محض، قد يؤدي إلى التعسّف من قبل أي من الدول المتعاقدة في استعمال حق طلب المعلومات، سواء لناحية الإفراط في إرسال الطلبات قبل أن تستنفد الدولة طالبة المعلومات كافة الوسائل المتوفّرة لديها لإيجاد المعلومات المطلوبة، أو لناحية إتجاه الدول نحو ما يُسمّى ب”إصطياد المعلومات” (la pêche aux renseignements)، أي طلب المعلومات التي من المرجّح أن لا تكون ذات صلة بالحالة موضوع الدرس.
من هنا أهميّة تطبيق ضوابط المادة 37 المذكورة أعلاه. وقد تجلّت أيضاً أهميّتها من خلال إدراج ضوابط مشابهة في نموذج الإتفاقية لتفادي الإزدواج الضريبي الذي وضعته منظّمة التعاون والتنمية الإقتصادية (OCDE)، بحيث أتاحت المادة 26 منها تبادل المعلومات بين الدول المتعاقدة “بالقدر اللازم (vraisemblablement pertinents) لتطبيق أحكام الإتفاقية أو القوانين الداخلية للدولتين المتعاقدتين المتعلقة بالضرائب التي تتناولها الإتفاقية وبصورة خاصة لمنع التهرّب من هذه الضرائب”.
ومن هذا المنطلق، يقتضي أن يتضمّن طلب المعلومات الموجّه إلى الإدارة الضريبيّة اللبنانية من قبل دولة أجنبيّة كما وطلب المعلومات الموجّه إلى دولة أجنبيّة من قبل السلطات اللبنانية، كافة المعطيات المتوفّرة لديها نتيجة عملية الدرس والتحقيق، ومن ضمنها: السند القانوني للطلب، تصريح من قبل الدولة طالبة المعلومات يفيد أنها استنفدت كافة الوسائل المتوفّرة لديها للإستحصال على المعلومات موضوع الطلب، الهوية الكاملة للمستعلم عنه، ماهية المعلومات المطلوبة بصورة دقيقة وسبب المطالبة بها، المرحلة التي وصلت إليها إجراءات التحقيق، الضرائب والسنوات المالية موضوع التحقيق، أحكام الإتفاقية التي يُرجّح أن يكون قد خالفها المستعلم عنه. وهي معايير مستوحاة من دليل منظّمة التعاون والتنمية الإقتصادية حول تطبيق الأحكام المتعلّقة بتبادل المعلومات لغايات ضريبيّة تاريخ 23/1/2006. وبالعودة إلى القرار موضوع التعليق، يتّضح أن طلب المعلومات الموجّه من السلطات الفرنسية تضمّن السند القانوني للطلب (المادة 37 من الإتفاقية اللبنانية-الفرنسية)، والهويّة الكاملة للمستعلم عنه، وماهية المعلومات المطلوبة (الحساب المصرفي المفتوح لدى أحد المصارف اللبنانية بين 2013 و2016). إلا أن القرار لم يذكر ما إذا تضمّن الطلب معطيات حول سبب المطالبة بالمعلومات، المرحلة التي وصلت إليها إجراءات التحقيق، وأحكام الإتفاقية التي خالفها المستعلم عنه.
وخلاصة القول،
إن إجراءات وأصول تبادل المعلومات بالإستناد إلى المادة 37 من الإتفاقية اللبنانية الفرنسية لم تشهد أي تعديل منذ تاريخ إبرام الإتفاقية المذكورة في العام 1963، باستثناء ما نتج عن إصدار القانون رقم 55/2016 لجهة توسيع نطاق المعلومات التي يمكن الإفصاح عنها والتي باتت تشمل تلك التي كانت خاضعة للسريّة المصرفيّة. أما الكتاب المتضّمن طلب المعلومات الموجّه من السلطات الأجنبيّة إلى الإدارة اللبنانية، فيقتضي لقبوله أن يضمّ جميع المعطيات التي كانت لتفرضها الدولة الأجنبيّة لو كان الطلب موجّه إليها. فليس ما يبرّر “الكيل بمكيالين”.