ملاحظات أولية
على إقتراح قانون معجل مكرر
يرمي إلى إنشاء محكمة خاصة للجرائم المالية
- من حيث التقويم العام وملاءمته بالنسبة للظروف المعروض خلالها هذا الإقتراح وصفة المعجل المكرر، يقتضي الإعتراف بأن أي عنصر من تلك العناصر والظروف غير متوفرّ راهناً؛ سيما وأننا في ظل حكومة مستقيلة تصرف الأعمال وأزمة سياسية ومالية وإقتصادية وإجتماعية مستفحلة أخرجت الألوف ألى الشوارع متحديةً شرعية السلطة الحالية. كل ذلك، ناهيك عن مخالفة المادة 32 من الدستور التي نصت على أن يجتمع المجلس في كل سنة في عقدين عاديين الثاني منه يبتدئ يوم الثلاثاء الذي يلي الخامس عشر من شهر تشرين الأول وتخصص جلساته بالبحث في الموازنة والتصويت عليها قبل كل عمل آخر.
- إن ربط المحكة الخاصة المزمع إنشائها بمجلس النواب الذي ينتخبها ويراقب عملها يمسّ بمبدأ فصل السلطات كما وبمبدأ إستقلالية القضاء الذي هو موضوع إقتراح قانون يتم درسه راهناً في اللجان النيابية؛ فضلاً عن أنه يحفذ الولاء السياسي للقضاة ويجعل من الصعوبة القسوة إجراء محاكمة شفافة حيادية موضوعية ومتجردة من أية إعتبارات سياسية. وإن تجربة المجلس الدستوري في هذا السياق خير دليل على ذلك.
- أضف إلى ذلك أن كيفية اللجوء إلى تلك المحكمة التي تُعنى بأمور كثيرة تهم المواطن كما والإحالة إليها لا يتم إلا عن طريق النواب أنفسهم (إخبار من 10 نواب على الأقل) أو تقرير من التفتيش المركزي أو قرار من ديوان المحاسبة (البند ثاني عشر من إقتراح القانون)؛ مما يحرم المتضررين والمواطنين و/أو من يمثلهم من هيئات المجتمع المدني أو النقابات والهيئات المهنية (الأكثر تمثيلاً) من التظلم أمام هذه المحكمة وبغياب أي مرجع آخر كونها قد تختزل كل الأدوار والمهام. وإن تجربة المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب المنصوص عنه في الدستور (المواد 60,71 و80) هو أيضاً هنا خير دليل على عدم فعالية هكذا محكمة. وإلا، وفي حال الإصرار يقترح فتح مجال الإحالة إلى وسيط الجمهورية المعين وفق القانون رقم 664 تاريخ 4/2/2005 لتسهيل التعامل مع الادارة والمساعدة على حل الخلافات الناجمة عن هذا التعامل.
- رغم تضمن الأسباب الموجبة ما يبرر إنشاء هذه المحكمة في ظل وجود المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب، فإننا نرى أن هناك تضارب في الصلاحيات سيما بالنسبة لمواضيع الإثراء غير المشروع ومخالفة أحكام الدستور وسوهما.
- إن معظم الحالات المنصوص عنها في المرسوم الاشتراعي رقم 156 تاريخ 16/9/1983 مصنفة بفئة المخالفات والجنح (3 سنوات سجن كحد أقصلى) بينما الفقرة (2) من البند أولاً تصنفها على أنها جرم وتضعها ضمن إختصاص المحكمة الخاصة المالية المزمع إنشائها. هذا من جهة ومن جهة ثانية إضافة إلى تصنيف البند أولاً وتأكيد صفة الجرم للتهرب الضريبي في الأسباب الموجبة للقانون (المقطع اثاني من الصفحة الأولى)؛ إلا ان البند ثالث عشر الخاص بالعقوبات لا يلحظ إلا موجب دفع الأموال الفائتة على الخزينة وغرامة دون عقوبة الحبس (الفقرة 2). مما يصنفها على أنها مخالفة أو جنحة ويحفز المخالفة ويضاعف الحالات لعدم فعالية الردع ونحن اليوم في أمس الحاجة لمحاربة هذه الآفة الخطيرة وتحصيل متوجبات الخزينة.
- البند ثانياً (4) يسمح بإعادة إنتخاب الرئيس أو أي عضو ← من شأنه تعزيز التبعية والولاء السياسي. يقتضي أن يكون الإنتخاب لولاية واحدة ووحيدة.
- البند ثالثاً (2) و(3) بالنسبة لحالة شغور المنصب بالإستقالة أو الوفاة أو فقدان شروط العضوية، من الأنسب والأجدى إشغال المنصب مباشرةً من قبل الرديف حتى نهاية الولاية وإنتخاب رديف عنه بدلاً من إنتخاب أصيل جديد.
- البند خامساً (1) إلزام أن يكون النصاب بحضور جميع الأعضاء من شأنه عرقلة عمل هذه المحكمة. كما أن الفقرة (7) اللاحقة من شأنها المسّ بحقوق الدفاع لجهة قطعية الأحكام التي لا تقبل المراجعة.
- البند تاسعاً (1) ← مسّ بمبدأ إستقلالية القضاء. كما وأن هذه المادة ملتبسة وغامضة لجهة معرفة ما إذا كان المرسوم رقم 1937 الصادر في 16/11/1991 سوف يظل مرعي الإجراء سيما لجهة الإجراءات وأصول الملاحقة وتبعية النيابة العامة المالية (لمجلس النواب أو للمحكمة الجديدة أو لمحكمة التمييز بمقتضى المادة 31 من المرسوم الاشتراعي رقم 150 تاريخ 16/9/1983 ؟؟؟).
- البند الحادي عشر: لما كان مكتب مكافحة الجرائم الماسة بأمن الدولة تابع لقسم المباحث الجنائية الخاصة الخاضع بدوره مباشرة لسلطة قائد الشرطة القضائية، فإن عملية تنظيم العلاقات وتحديد الإختصاصات واجبة بموجب مراسيم تطبيقية يقتضي لحظها في القانون.
المحامي كريم ضاهر
الجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين (ALDIC)