رفع معدل الضريبة على فوائد وعائدات وإيرادات الحسابات الدائنة والسندات وعدم حسمها من ضريبة الأرباح (تعديل المادة 51 من القانون رقم 497 تاريخ 30/1/2003 ← المادة 67 من مشروع قانون الموازنة للعام 2017 والمادة 22 من المرسوم 10415).
هذا الإقتراح يتناول ثلاثة أمور جوهرية: الزيادة بحد ذاتها من جهة كما وإلغاء إمكانية الحسم التي كانت متوفرة للمؤسسات المالية والتجارية من جهة أخرى؛ وأخيراً فرض تدبير جديد على المكلفين بضريبة الدخل على أساس الربح المقطوع كالمهن الحرة يقضي بتضمين تصاريهم المهنية الأرباح المتأتية من الإيرادات المشمولة بهذه المادة بعد تنزيل الضريبة وتطبيق معدلّ الربح المقطوع كما والضريبة التصاعدية على هذا الأساس.
وعليه، وبالنسبة للمسألة الأولى من المستحسن رأفةً بالمودعين الصغار ذات الدخل المحدود، إعتماد مروحة نسب تصاعدية على شطور الأرصدة والقيم المنقولة (أسهم وسندات وما شابه) المودعة لدى المصارف والمؤسسات المالية بحيث يأتي التكليف تصاعدي على الشكل التالي:
- 5% (خمسة بالمئة) عن الودائع و/أو الأموال المنقولة (أسهم وسندات وما شابه) التي لا تتجاوز قيمتها /100,000,000/ل. (مئة مليون ليرة لبنانية).
- 6% (ستة بالمئة) عن الودائع و/أو الأموال المنقولة (أسهم وسندات وما شابه) التي تزيد عن قيمتها الإجمالية عن /100,000,000/ل.ل مئة مليون ليرة لبنانية ولا تتجاوز /600.000.000 /ل.(الستمائة مليون ليرة لبنانية).
- 7% (سبعة بالمئة) عن الودائع و/أو الأموال المنقولة (أسهم وسندات وما شابه) التي تتجاوز/600,000,000 /ل.(الستمائة مليون ليرة لبنانية).
على أن يقوم كل مصرف أو مؤسسة مالية بدمج الحسابات العائدة للمودع، إما إفراديا أو بالإشتراك مع سواه وطبقا للنسب التي تعود إليه فعلاً، فيما بينها وتطبيق الضريبة التصاعدية على أساسه. ويعتبر الزوج والزوجة والأولاد القاصرين أو الذين هم على عاتقهما حتى سن الخمسة وعشرين (25)، بمثابة الشخص الواحد.
أما بالنسبة للتدبير الثاني القاضي بعدم الجواز للمؤسسات المصرفية أو المالية أو للمؤسسات التجارية الخاضعة للتكليف بضريبة الدخل على أساس الربح الحقيقي باسترجاع الضريبة على الفوائد والعائدات والإيرادات الداخلة ضمن أرباحها والمسددة عن طريق الاقتطاع لدى المنبع واستبدال ذلك بعبء ينزل من إيرادات تلك المؤسسات، فإن الإعتراض هنا هو على ما يفرضه هذا التدبير من ازدواجية تكليف ضريبي ويحوّل الضريبة إلى رسم في حال أصرت الدولة على إلغاء هذا الحق (Tax credit). وعليه وعملا بأحكام المادة 52 من قانون المحاسبة العمومية، فمن المتحسن تحديد مهلة زمنية لهذا التدبير الاستثنائي وتخصيص الإيراد الملازم استثنائيا لتحقيق هدف معين كتمويل السلسلة للسنتين المحددتين و/أو تمويل صندوق المساعدات المنشاء بموجب قانون الإيجارات الجديد.
وأكثر من ذلك، وبالنسبة للتدبير الأخير، فقد استحدثت الفقرة الثانية من البند ثانياً من هذه المادة (تقابلها المادة 22 من المرسوم رقم 10415 الرامي إلى تمويل سلسلة الرتب والرواتب) تكليف جديد وزيادة عبء ضريبي على كهل الأشخاص الخاضعين للتكليف بضريبة الدخل على أساس الربح المقطوع وسيما منهم المهن الحرة (محامين، مهندسين، أطباء، وإلخ.)، يتمثل بإلزامية احتساب الإيرادات المالية الداخلة ضمن وعاء هذه الضريبة والتي يحققونها ويدفعون ضريبتها أساسا لدى المنبع (من قبل المصارف والمؤسسات المالية نيابةً عنهم) إلى إيراداتهم السنوية المهنية، لكي يطبق عليها، بعد حسم قيمة ضريبة الباب الثالث، معدل الربح المقطوع لاستخراج الربح الصافي الخاضع لضريبة الباب الأول. مما يعني والحال ما تقدم أن الربح الخاضع للضريبة المهنية سوف يتضاعف عبئه بفعل زيادة إيرادات جديدة نوعية سبق تكليفها بالضريبة المحددة لها. وهذا الإجراء يستدعي الملاحظات التالية:
- هذا التدبير يفرض ازدواجية تكليف ضريبي ويحوّل الضريبة (أي ضريبة ال7% في حال إقرار الزيادة) لا محال إلى رسم في حال أصرت الدولة على تطبيقه.
- إن هذا الإجراء كما جاءت صياغته لا يُطبق إلا على المكلفين بضريبة الباب الأول وقد إستثنى الموظفين والأجراء الخاضعين للباب الثاني بحيث أن مدير شركة كبيرة او مصرف مثلاً، يتقاضى إصافةً إلى راتبه إيرادات تشملها المادة 51، غير ملزم والحال ما تقدم بزيادتها إلى دخله المهني والتصريح عنها وتسديد الضريبة التصاعدية على مجموع الدخل بخلاف المحامي أو الطبيب أو المهندس أو النحات وكذا. وعلى هذا الأساس، تكون هذه المادة قد خالفت مبدأ المساواة أمام الضريبة المنصوص عنه في كل من الفقرة (ج) والمادة 7 من الدستور اللبناني (“المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل”).
- نعجب كيف انه سوف يتم التأكد من التزام المكلفين بهذا الإجراء في ظل استمرار استفادة المقيمين مفاعيل قانون السرية المصرفية.
- رغم العلم واليقين بأن هذا التدبير إصلاحي للوصول إلى الضريبة الموحدة على الدخل المرجوة وتوسيع قاعدة المكلفين، إلا أنه في حال إعتماده كما هو مطروح ليس من شأنه التطويل بل تعميق اللا مساواة والإجحاف والاستنسابية. فلذا، من الأفضل إدراجه ضمن مشروع شامل متكامل خاضع للبحث والتمعّن.
ومثال على ما تقدم، محامٍ متزوج (زوجة لا تعمل) مع ولدين قاصرين قاصرين، بلغت إيراداته السنوية الإجمالية 100 مليون ليرة لبنانية وتقاضى فوائد مصرفية بقيمة 100 مليون ليرة ايضاً. في الوقت الراهن يتم تكليفه وفقاً للآتي:
ربح مهني:
100,000,000x 40% (نسبة الربح المقطوع الصافي)= 40 مليون ليرة لبنانية
<11,000,000> تنزيلات عائلية
___________
29,000,000 ل.ل (ربح خاضع للضريبة)
9,000,000 x 4% = 360,000ل.ل
15,000,000x 7% = 1,050,000 ل.ل
5,000,000 x 12% =600,000 ل.ل
أي ما مجموعه 2,010,000 ل.ل يضاف إليه مبلغ 5,000,000 ل.ل (ضريبة باب ثالث مقتطعة من المنبع لدى المصارف على إيراداته المالية) أي ما مجموعه 7,010,000 ل.ل
أما بعد التعديل فيضحى الاحتساب وفقاً للتالي:
ربح سنوي إجمالي 100,000,000 (مهني) + 95,000,000 (باب ثالث بعد تنزيل الضريبة المقتطعة من قبل المصارف) = 195,000,000 ل.ل x 40% (نسبة الربح المقطوع الصافي)= 78 مليون ليرة لبنانية
<11,000,000> تنزيلات عائلية
____________________
67,000,000 ل.ل (ربح خاضع للضريبة)
9,000,000 x 4% = 360,000ل.ل
15,000,000x 7% = 1,050,000 ل.ل
30,000,000 x 12% = 3,600,000ل.ل
13,000,000 x 16%= 2,080,000 ل.ل
أي ما مجموعه 6,730,000 ل.ل يضاف إليه مبلغ 5,000,000 ل.ل ضريبة باب ثالث مقتطعة من المنبع لدى المصارف على إيراداته المالية) أي ما مجموعه 11,730,000 ل.ل. أي ما نسبته تقريباً 70% زيادةً.
تجدر الإشارة أخيراً في هذا السياق إلى أن وزارة المالية في “أسبابها الموجبة” التي بررت بموجبها هذا الإجراء قد اكتفت بتبرير أحقية فرضها على المكلفين بضريبة الدخل على أساس الربح الحقيقي من مؤسسات مصرفية أو مالية أو مؤسسات تجارية (“لجعلها إيراداً فعلياً للخزينة“)؛ دون أن تأتي على ذكر المكلفين بضريبة الدخل على أساس الربح المقطوع وسيما منهم المهن الحرة…مما يدلّ على إرباكها ونيتها لتمرير الإجراء دون “ضجة”.